التخطي إلى المحتوى الرئيسي

في باب زويلة.. احترس من الأساطير والرجل الطائر!

باب زويلة هو أحد الأبواب الثلاثة المتبقية للقاهرة التاريخية. الصورة خاصة بموقع دنيتنا

بقلم: شريف عبد المنعم

الكثير منا يذهب إلى شارع الأزهر ولا يعرف منه غير تجار القماش والعطارة وخان الخليلي والحسين، والقليل من مرتادي المنطقة هم فقط من يعلمون أنها تحتوي على ما يزيد عن مائتي أثر إسلامي متنوعة بين المساجد والأسبلة والكتاتيب والمجموعات الأثرية، وأهمها تلك التي يحتضنها شارع المعز لدين الله الفاطمي، أشهر وأقدم شوارع القاهرة التاريخية التي كان يحوطها قديما ثمانية أبواب، زويلة والفرج في الجنوب، الفتوح والنصر في الشمال، القراطين والبرقية في الشرق، سعادة والقنطرة في الغرب.
كان لهذه الأبواب العديد من الوظائف أهمها حماية المدينة من الأعداء واستخدامها للإعلان عن قدوم المواكب وتنظيم حركة دخول وخروج التجار والبضائع، ونتيجة مرور الزمن لم يتبق من هذه الأبواب سوى ثلاثة فقط: باب زويلة وباب الفتوح وباب النصر.
في بداية شارع المعز لدين الله من الجهة الجنوبية نشاهد واحداً من ضمن الأبواب الثلاثة الباقية للقاهرة التاريخية، وهو باب زويلة الذي يعد واحداً من أضخم البوابات في العالم ويروي العديد من المؤرخين أنهم لم يرو باباً أكثر منه هيبة في مختلف البلدان التي زاروها !
سُمي باب زويلة بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة "زويلة" ذات الأصول المغربية التي سكنت واستقرت بالقرب من هذا الباب الذي يعرف أيضاً باسم "باب المتولي" نسبة إلى من كان يُطلق عليه "صاحب الكرامات متولي قطب" الذي عاش هو الآخر إلى جوار الباب وتداول الناس العديد من الأساطير والخرافات عنه وصلت إلى قول البعض بأنه كان يطير من مكان إلى مكان !
وقيل أن تسمية "المتولي" ترجع إلى الشخص الذي كان يتولى تحصيل الضرائب وكان يتخذ جلسته بهذا المكان.
وأرخ المقريزي في القرن الخامس عشر الميلادي بأن أهمية باب "زويلة" ترجع إلى أنه يجلب "النحس"، ومما يُعزز هذا الوصف أنه كان يستخدم كمكان عام لتعليق رؤوس الأشخاص الذين يتم إعدامهم فوق النتوءات الموجودة على الباب، وكان أشهرهم أمير المماليك "طومان باي" الذي قام السلطان سليم الأول بشنقه على باب زويلة بعد دخول العثمانيين إلى مصر عام 1517 ميلادية، وظلت رأسه معلقة على الباب ثلاثة أيام قبل أن ينقل جثمانه بعد ذلك ليدفن في قبة الغوري التي تبعد عدة أمتار عن المكان.
يتكون البوابة من أبراج نصف دائرية أدخل عليها السلطان المؤيد بعض التعديلات عندما بنى جامعاً سُمي باسمه إلى جوار البوابة في القرن الخامس عشر الميلادي، كما شيد أيضاً المآذن التي تعلوا الأبراج وتضفي شكلاً جمالياً فريداً يتميز به باب زويلة عن غيره من سائر البوابات.
وكانت أرضية "باب زويلة" في الأصل مغطاة بطبقة ملساء لامعة من الجرانيت لتعيق خيول العدو الذي يحاول مهاجمة مدينة القاهرة عبر هذه الجهة، إلا أن السلطان الكامل محمد الأيوبي أمر بهدم هذه الطبقة الملساء عندما انزلق فرسه بسببها وأطيح به من فوق صهوة الجواد.
وفوق مدخل البوابة توجد شرفة كان يستخدمها الموسيقيين للإعلان عن المواكب الملكية، كما كان سلاطين المماليك وأمرائهم يستخدمون الباب أيضا في مشاهدة زفة المحمل الذي كان يصنعه المصريون ويربض فيه غطاء الكعبة المشرفة حيث يتم إرساله إلى مكة المكرمة.
وحينما تم تجديد الباب في إطار مشروع تطوير القاهرة التاريخية، وضع القائمون على الترميم بعضاً من المقتنيات التي عُثر عليها أثناء الحفريات بالمنطقة في صندوق زجاجي كي يشاهدها المرتادين، ومن بينها "أحجبة" كان يصنعها المتولي ورسائل موجهة إليه من عامة الشعب الذين كانوا يعتقدون في قدرته على مساعدتهم.. تقرأها فتأثر قلبك وتأخذك إلى زمن فات أبى أن يمضى إلا ويترك لنا تراثاً هائلاً كي لا ينسى الأحفاد ذكرى الأجداد.
باب زويلة يعد واحداً من أضخم البوابات في العالم.


المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صراع الخوارزميات الذكية !

بقلم: شريف عبدالمنعم *صحفي ومُدرب متخصص في الإعلام الرقمي. بينما لا تزال وسائل الإعلام التقليدية (صحافة ورقية وقنوات تلفزيونية) تلاحق أنفاسها لمواكبة سيطرة السوشيال ميديا على اهتمامات الجمهور، انتقل السباق فجأة ليصبح صراعاً بين خوارزميات تطبيقيات الذكاء الاصطناعي وعمالقة السوشيال ميديا، لتصبح وسائل الإعلام التقليدية في تحدٍ جديد أشد ضراوة وأكثر شراسة بكثير عن السابق. لم يعد الأمر متعلقاً بمواكبة المحتوى الرائج "الترند" لجذب أكبر شريحة من الجمهور، وإنما بات يتعلق بماهية وسائل الإعلام التي سيلجأ إليها الجمهور مستقبلاً للحصول على المعلومات الإخبارية والأرشيفية، وهذا هو أدنى ما سيجنيه الجمهور من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي باتت تنتج الصور ورسومات الجرافيك وتفحص الأكواد البرمجية وتكتبها بسرعة البرق، كما هو الحال في "شات جي بي تي – chatgpt" (انظر إلى الصورة أسفل المقال لم يستغرق توليدها سوى 5 ثوانٍ فقط !". ويستطيع "chatgpt" حالياً كتابة وتعديل الأكواد بعدة لغات برمجة مثل "Python وJavaScript وHTML وCSS وSQL" وغيرها، والعثور على الأخطاء في الأكو...

لماذا انهارت مشاهدات المواقع الإخبارية؟.. أبرز الأسباب وأهم الحلول

بقلم: شريف عبدالمنعم *صحفي ومُدرب متخصص في الإعلام الرقمي. كان عامي 2020 و2021 بمثابة قمة النجاح للكثير من المواقع الإخبارية حيث تخطت معدلات التصفح المليون مشاهدة خلال اليوم الواحد في الكثير من المواقع، لكن ذلك النجاح لم يدم طويلاً وتحولت الأحلام الوردية إلى كوابيس أرجعها البعض فقط إلى تحديثات محرك البحث "جوجل"، الذي يعد المصدر الأساسي للزيارات الطبيعية. ورغم أن تحديثات "جوجل" بالفعل تعد سبباً رئيسياً في الانهيارات التي طالت الكثير من المواقع الإخبارية، لكن أحداً لم يرصد حتى اللحظة كيف تأثرت المواقع الإخبارية سلباً بتلك التحديثات، وكيف أن تلك المواقع ذاتها كانت متوافقة في الماضي مع "جوجل" والآن باتت في عداوة واضحة مع خوارزمياته، ولهذا حاولت بقدر المستطاع رصد أهم تلك الأسباب بشكل متسلسل، مع تقديم بعض الحلول المقترحة للخروج من الأزمة، ويبقى نجاح العلاج متوقفاً على مشاركة الصحفيين أنفسهم في علاج مواطن الخلل تقنياً كان أم تحريرياً. أسباب انهيار مشاهدات المواقع الإخبارية 1. طفرة المشاهدات المفاجئة بداية أود استرجاع معلومة أن عامي 2020 و2021 كانا ذروة المشاهدات ...